أسرة بأكادير تعاني مع أربعة أبناء شلّت أطرافهم
مُعاناةٌ مُضاعفةٌ، قِوَامها الفقر المُدقع وأربَعة أبْناءِ متواجدين في وضعية إعاقة شاملة، منهم من لمْ يبْرَح البيْت البسيط الذي يأويه منذ 29 سنة، في ظلّ غيَابِ أيّ مساعدة كانت.. ذاك حالُ أسرة "الكوش" القاطنة بدوار إمدوغن، بتراب الجماعة القروية تَمْري من نواحي مدينة أكادير.
الأسرة المُكوّنة من سبعة أبناء، علاوةً على الأب والأمّ،تعيش ظروفا مأساوية على جميع المستويات،منذ سنوات خلتْ، فَمِنْ بيْن الأبناء السبعة يوجدُ أربعةُ أفراد متواجدين في وضعية إعاقة شاملة،غير قادرين على تحريك الأطراف.. بَلْ أرجلهم صارتْ تنزفُ دَماً من كثرة الجلوس أو التمدّد دون حراك.
أصغَرُ أبناء أسْرة "الكوش" ذوي الاحتياجات الخاصة هو إبراهيم الذي يبْلغ من العُمر 19 سنة.. ويبْدو كطفْل صغير حين يتوارى جسده النحيفُ وسط جلبابٍه الأسْود، فيما تنبعثُ من عينيه نظرات تائهة.. يَداهُ النحيفتان لا تتحركان، وكذلك رِجْلاه.. ولا يختلف حالُ الأبناء الثلاثة الآخرين، وهنّ إناث، عن حال شقيقهنّ الصغير.
مليكة، ذات الأعوام الستة والعشرين، لا تبْرحُ هي أيضا مكانها بفعل شللها الكلي.. وتحرص دائما على بعث ابتساماتها غير ذات معان، بينما يداها مشوهتان في تكوينهما، والنحيفتان كسائر جسَدها، ومُكوّمتان أمامَ الصّدر.. أمّا رِجْلاها الممدّدتان على حصيرٍ وأثوابٍ باليةٍ فتنزفانِ دما، وتبْدوان في حالةِ تشوّهٍ تامّ.
وتلوح خديجة، ذات الأربع والعشرين ربيعا، مثل طفلة صغيرة؛ جسدُها أيضا نحيل، وأطرافها مشلولة بالكامل؛ ويكتملُ مشهد المعاناة والآلام الممتدّة على مدى ما يقاربُ ثلاثة عقود، بصورة الابنة البكر فاضمة، التي تبلغُ من العمر 29 سنة، جالسةً على كرسيّ متحركٍّ مُتهالك.
ويرْوي سعيد أزكار، رئيس جمعية تمونت للتنمية والتربية بتَمري ،أنّ الكُرسيّ الذي تجلسُ عليه خديجة يعود لسنوات، حينَ عَلمَ أنّ جمعية توزّع الكراسي المتحركة على المعاقين، فطلبَ واحداً لخديجة، بعْدما عَلِم بحالتها عن طريق جارٍ لأسرة "الكوش".
أبناء أسرة "الكوش" المعاقين لمْ يُولدوا كذلك، ويقول سعيد أزكار، حسبَ المعطيات التي استقاها من الأسرة،إنّ الأبناء الأربعة المعاقين، ينتابُهمْ إعياءٌ في سنّ 6 سنوات، ثمّ يتطوّر الإعياءُ مع مرور الوقت إلى عجْزٍ عن الحركة، ويتحوّل العجزْ إلى شللٍ تامٍّ، كما هو حالهم اليوم.
وتعيشُ الأسرة الصغيرة في عُزلة تامّة، بسبب ما ألمّ بأبنائها الأربعة، فالأمّ فاطمة المتقدّمة في السنّ لا تبرْح البيْت أبدا، ولا تجدُ إلى جانبها من يساعدها في الاعتناء بأبنائها الأربعة المُعاقين، وهي التي تسهرُ على رعايتهم،أمّا الأبُ فيشتغل مياوما في أعمال فلاحية موسمية، ولا يزور البيْت إلا مرة كل يومين.
تقول الأمّ المغلوبة على أمرها وهي تتحدّث عن رعايتها لأبنائها "أنَا من يعتني بهم، أغيّرُ لهم ملابسهم،وأؤكّلهم، وأجّرّهم إلى المرحاض لقضاء حاجتهم الطبيعية.. وتُضيفُ فاطمة أنّها لمْ يسبقْ أنْ تلقّتْ أيّ مساعدة سواء من طرف أيّ جمعية أو من أيّ جهة أخرى، على مرّ السنين التي قضّتها في كنَف المعاناة.
وعلى الرغم من أنَّ الأبناء الأربعة يعيشون وضعا صحيّا متدهورا، وتنزف الدماء من أرجل بعْضهم، إلّا أنهم لم يسبق أن حظوا بأي رعاية صحية، لعدم وجود وسيلة لنقلهم إلى المركز الصحي، ويقول سعيد أزكار في هذا الصدد إنّ نزفَ أطراف الأبناء يصل إلى حدّ التعفّن، وتنبعث من الأطراف رائحة كريهة.
وبيْنما لم تُفلح طلباتُ ربّ الأسرة التي تقدّم بها إلى الولاية لأجْل الحصول على مأذونية، لمساعدته على توفير أدْنى ضروريات العيش لأبنائه السبعة، قال سعيد أزكار "لا نعرفُ هل تصل تلك الطلبات إلى المسؤولين أمْ لا"، أمّا الأم فاطمة فتقول، موجّهة كلامها للمحسنين "نُطالبُكم أن تساعدونا بما استطعتم، أكانتِ المساعدةُ نقودا أو أيّ شيء آخر، فلا أحدَ في هذه القرية يُساعدنا...".حسب هسبريس.

0 التعليقات:
إرسال تعليق